[size=29]الممحاة والقلم
كانَ داخلَ مقلَمَةٍ، مِمحَاةٌ صغِيرَةٌ، وقَلمٌ رصَاصٍ جَميل... ودارَ حِوارٌ قصِيرٌ بينهُما
المِمحاة: كيفَ حالُكَ يا صدِيقِي؟
القَلَم: أنا لستُ صَديقُكِ
المِمحاة: لماذا؟؟
القَلَم: لأنني أكرَهُكِ
المِمحاة: ولِمَ تكرَهُني؟؟
قالَ القَلم: لأنكِ تمحِينَ ما أكتُب
المِمحاة: أنا لا أمحُو إلاّ الأخطاء
القَلَم: وما شأنُكِ أنتِ؟؟
المِمحاة: أنا مِمحاةٌ، وهذا عَمَلي
القَلَم: هذا ليسَ عمَلاً
المِمحاة: عَمَلي نافِعٌ مِثلَ عَملُكَ
القَلَم: أنتِ مُخطئةٌ ومَغرورةٌ
المِمحاة: لماذا؟؟
القلم: لأنَّ مَنْ يكتُبُ أفضَلُ مِمّنْ يمحُو
قَالت المِمحاة: إزالةُ الخطأ تُعادِلُ كِتابةَ الصَواب
أطرقَ القلمُ لحظةً، ثُم رفَعَ رأسَهُ وقال: صدقْتِ يا عزِيزَتي
المِمحاة: أما زِلتَ تكرَهُني؟؟
القَلَم: لَن أكرَهَ مَنْ يمحُو أخطَائي
المِمحاة: وأنا لَن أمحُوَ ما كانَ صَواباً
قالَ القَلَم: ولكنّني أراكِ تصغُرِينَ يوماً بعدَ يَوم!!!
المِمحاة: لأنني أُضَحِّي بشيءٍ مِنْ جِسمِي كُلّما محوْتُ خطأً
قالَ القلمُ محزُوناً: وأنا أُحسُّ أنني أقصَرُ مِما كُنت
قَالت المِمحاة تُواسيه: لا نستطيع إفادةَ الآخرين، إلا إذا قدَّمنا تضحِيةً مِنْ أجلِهِم
قَالَ القَلَم مسرُوراً: ما أعظمكِ يا صدِيقتي، وما أجمَلَ كلامَكِ
فرِحتِ المِمحاة، وفَرِحَ القَلَم، وعَاشا صدِيقَينِ حَميمَين، لا يَفترقانِ ولا يختلِفان
إخوتي وأحبتـــي
لِمَ لا نقُولُ شُكراً لِمَنْ يمحُو لنا أخطاءنا، ويُرشِدنا إلى طَريقِ الصَواب؟ ألا يستَحِقُ الشُكرَ والثناء؟؟
لِمَ لا نكُونُ شُموعاً تَحترقُ لِكَي تُضيءَ دُروبَ الآخرين بالخيرِ والعملِ النافِع
راقِبْ أفكارَكَ لأنها ستُصبِحُ أفعَالاً...
راقِبْ أفعالَكَ لأنها ستُصبِحُ عادات...
راقِبْ عاداتَكَ لأنها ستُصبِحُ طِباعاً...
راقِبْ طِباعَكَ لأنها ستُحدِّدُ مصِيرَكَ...[/size]